'قبل
البدء بقراءة المقال قد يواجه بعض الاخوة والاخوات صعوبة في محتوى المقال كونه
يعتمد على اختصاص رياضيات صرفة والمتمثلة بمفهوم المصفوفة فعذراً لذلك .
يمكن تعريف
المصفوفة بصورة مبسطة في الرياضيات بانها
عبارة عن مجموعة المعلمات (parameters ) تترتب على شكل اعمدة وصفوف وعلى هذا المنوال يمكن التعامل مع تلك
المصفوفة واستخراج قيمها و تعاملاتها مع بقية المصفوفات والمعادلات الرياضية.
'المصفوفة
السياسية للعراق
المطلع على
السياسة العراقية سوف يجدها مقسمة بصورة واضحة جغرافيا واثنياً وخاصة لدى المكونات
الكبيرة والتي تمتلك جغرافية مغلقة و على هذا الاساس تكون المصفوفة العراقية
متشكلة من ثلاث صفوف و عمودين نسبةً الى:
١- الصف الاول ( المعامل الاول )و يشكل
المكون الكردي وبما يحتويه داخلياً على (
الاحزاب والاتجاهات) .
٢-الصف الثاني ( المعامل الثاني) ويشكل
المكون السني وبما يحتويه داخليًا على
(الاحزاب و الاتجاهات) .
٣- الصف الثالث (المعامل الثالث) ويشكل
المكون الشيعي وبما يحتويه داخلياً على
(الاحزاب والاتجاهات) الشيعية.وكما موضحة في الصورة التالية:
'
بالتالي
وكما اسلفنا فان تقسيم هذه الصفوف اعتمدت
في الدرجة الاساس على النوعية الاثنية منعكساً على الجغرافية.
'
اما
الاعمدة فتكون بالشكل التالي من الاعلى الى الاسفل.
١- العمود الاول ويشكل اتجاهات سياسية لكل
من الكرد و السنة والشيعة.
٢- العمود الثاني ويشكل اتجاهات سياسية
لكل من الكرد والسنة والشيعة ايضاً.
(هنا لابد من
ملاحظة عدم ذكرنا لبقية المكونات من التركمان والمسيحيين ومكونات اخرى ، سبب ذلك
يرجع الى ان جغرافية هذين المكونين بصورة اساسية هي جغرافية تشبه خطوط مائلة على
الجغرافيات السابق ذكرها للمكونات الثلاثة مما لا يمكن اسقاطه على المعادلات
الرياضية للمصفوفة و تنعكس هذه الحالة في
الواقع على عدم بروز هذه المكونات بثقل سياسي واضح او بعدد نواب كبير)
بالرجوع
الى المصفوفة السياسية فسوف نجد ان هذه المصفوفة ثابتة ومنتجة الى حدما وممكن ان
يعبر عنها ب(M2*3) كتعريف
للمصفوفة المستطيلة.
ماذا
يعني معاملات المصفوفة؟
لناخذ
اولاً :
المصفوفة
بعد سنة ٢٠٠٣ والى حين ٢٠١٨ .
وهنا
نبدا بتعريف المعاملات ( المؤثرة ) ونؤكد على كلمة (المؤثرة ) ولا نعني بذلك تهميشاً لاي طرف سياسي) طبقاً للصفوف:
الصف
الاول المعاملات تكون
١- حزب الاتحاد الوطني الكردستاني .
٢- حزب الديموقراطي الكردساني .
الصف
الثاني المعاملات تكون :
١-المعامل الاول حزب الاسلامي العراقي
وامتداداته.
٢- المعامل الثاني حركات سنية بنزعة بيوت
وعشائر.
الصف
الثالث المعاملات تكون :
١- المعامل الاول دولة القانون والتنظيمات
المرافقة له.
٢-الصف الثاني تيارات الحكيم والمتمثل
بالمجلس الاعلى الاسلامي وفيما بعد تيار الحكمة .
الا ان هذه المصفوفة (M3*2)كانت ضمنياً موجودة واذ كانت
تترأى او تتحول الى مصفوفة احادية (M3*1)(
مصفوفة مكونات ) عند تشكيلة الحكومة وبذلك كان الجميع يشترك في انتاج الحكومة وحيث
ان تحول مصفوفة من صيغة الى اخرى تنتج
قيمة رياضية جديدة مما كانت تظهر اشكالات سياسية ومقاطعات للحكومة في مراحل مختلفة
لعدم انسجام هذه المصفوفة الاحادية مع
المصفوفة السياسية للبلاد والتي تفرض نتيجة الارهاصات العملية السياسية .
في
هذه المرحلة حاول التيار الصدري من خلال
تشكيلات وقوائم انتخابية متعددة لايجاد موقع سياسي مستقل في المصفوفة الرياضية ، فكان امام التيار احتمالين :-
الاحتمال
الاول
ان
يتحول المصفوفة من (M3*2) الى مصفوفة (M3*3) اي زيادة عمود للمصفوفة وبهذه الحالة سوف تحتاج الى اضافة معامل (سني
وكردي) الى العمود الجديد ،وهذا ما لم يتحقق بصورة واضحة لدى المكون السني والكردي
في انتاج معاملات جديدة رغم وجود محاولات كثيرة في هذا الاتجاه .
الاحتمال
الثاني
ان
يتموضع التيار في الصف الثالث بديلاً عن احدى معاملات هذا الصف (اي بديلاً عن دولة القانون او بديلاً
عن تيارات الحكيم اي بديلاً عن a32 او a31 ). وبهذه الحالة سوف لن يحتاج التيار
الصدري الى ايجاد معاملات سنية وكردية جديدة . بالتالي سوف تبقى المصفوفة الرياضية
صحيحة حيث لاتجوز في المصفوفات ان تزيد معاملات صف ما عن بقية معاملات الصفوف
الاخرى والا تكون المصفوفة غير صحيحة.
ماذا
حصل بعد انتخابات سنة ٢٠١٨ ؟
الذي
حصل هو تفاهمات بين التيار الصدري و الفتح مما يعني دخول التيار مرحليا في
المصفوفة بديلاً عن دولة القانون ، وتشكيل حكومة السيد عبدالمهدي ، الا ان
التفاهمات السياسية غير المنظمة رياضياً و انتاج مصفوفة بمعاملات غير مكتملة وغير
مميزة الامتدادات ادت بالنتيجة الى انهيار المصفوفة بسبب تعارض المصفوفة رياضيا مع
مصفوفات واقعية اخرى مما لم ينتج معدل رياضي صحيح . ونتيجة انهيار المصفوفة
استقالت الحكومة . واتت حكومة اخرى بقصد تسكين الاجواء مع استمرار انهيار المصفوفة
الرياضية واختفاء للمعادلات الرياضية فيها.
ماذا
حصل بعد انتخابات سنة ٢٠٢٢ ؟
الذي
حصل هو بقاء ظهور المصفوفة السياسة مرة اخرى بنظامها الثابت (M3*2)والعودة الى منظومة سنوات قبل سنة ٢٠١٤ .
اي
بان بقي العمود الاول على حاله من وجود دولة القانون والفتح وبعض التنظيمات السنية
اضافة الى الاتحاد الوطني ، في حقيقة الامر ان هذا العمود ينحو نحو الثبات بسبب
ايديولوجية هذه الاطراف والتي تعتمد على وجود نوع من المرونة في انظمتها
الداخلية وعدم وجود عمق سلالاتي فيه .
اما
العمود الثاني فقد كان النجاح الذي سطره التيار الصدري بان تموضع كلياً في محل
التيارات الشيعية الاخرى هناك مما ساهم في تقوية المصفوفة وثباتها وعدم انتاج عمود
ثالث كما اسلفنا في الاحتمال الاول مما كان يقوي المصفوفة خارجيا ويضعفها داخلياً
كونها كانت ستكون مصفوفة مربعة بمعاملات اكثر.
فالعمود
الثاني ايضا فيه من الثبات الشيء الكثير كونه يعتمد في اساسه على قيادات ذات رموز
سلالاتية مما يساهم في ايجاد قاعدة ارضية وشعبوية قوية للغاية .
النتيجة
الان
النتيجة مثل ما اسلفنا هي بقاء المصفوفة العراقية بحالتها المعهودة منذ سنة
٢٠٠٣ بشكلها المستطيل (M3*2) مع تغير معاملاتها ضمن الصف الثالث ،
وبروز منافسة داخلية ضمن هذا الصف .
الاحتمالات
القادمة
١- حصول توافق كامل مما يعني مصفوفة(ذات
اتجاه واحدة) كنتيجة والعمل على تشكيل
حكومة وفق ذلك لفترة زمنية معينة . وتحول المصفوفة الى مصفوفة احادية( M3*1) سياسياً والتي سوف تنعكس على تشكل الحكومة المزمعة.
٢- استمرار التنافس في الصف الثالث
ومحاولة جذب بعض معاملات العمود الاول الى العمود الثاني مما سوف يساهم مرة اخرى في
انهيار المصفوفة كونها لا تجوز رياضياً . وقد ينتج مشاكل سياسية كبرى.
٣- بقاء الوضع على ما هو عليه من وجود
مصفوفتين داخل الدولة العراقية ومتمثلة بمصفوفة ساسية كنتيجة انتخابات سنة ٢٠٢٢
ومصفوفة حكومية ناتجة عن ارهاصات انتخابات سنة ٢٠١٨ والتي تمثلت في حينها بانهيار
للمصفوفة . وهذه الحالة ايضا سوف تنبوء باشكاليات كبيرة غير متوقعة لاستحالة وجود
اكثر من مصفوفة لموضوع واحد في الرياضيات وهنا نعني به العراق.